إفيّي أو فكيك : الشبكة الفلاحية
ثقافة الماء الأمازيغية

تقديم :

تعاريف :
 
يلعب الماء دورا هاما في الحياة عند أهل إفيّي (فجيج)، بشكل استراتيجي. إذ أن الفلاحة تعتمد بالأساس على شبكة التوزيع المائي لكل أَغْرْمْ (قصر). والمياه المستعملة هي في مجملها باطنية، حيث أنها تخرج من باطن الأرض عن طريق فتحات جيولوجية تسمى العيون. إنها الثقافة الأمازيغية المتعلقة بالماء بأرض إفيّي  .
هذه المنابع تستغل بشكل دقيق عن طريق تقنية تسمى الفݣّارة أو الفكّارة ⴼⴳⴳⴰⵔⴰ .

الفݣّارة أو الفكّارة (جمع : الفݣّارات أو الفكارات) هي قناة لتحميل الماء إلى مستويات معينة حيث يتم تسريبه قصد توجيهه بشكل يمكن به استغلال الماء كليا.

مدينة فكيك / إفيّي تتوفر على مجموعة من الفݣّارات (الفݣّارات أو الفكاكير) تنقسم بشكل متفاوت بين القصور حسب الضغط المائي لكل فݣّارة.

الماء، نظرة مختصرة عن المشاكل التي كانت تنشب قديما بين القصور :

نشير هنا أن معظم هذه المنابع المائية تتواجد بالمنطقة العليا لإفيّي أو قجيج، الهضبة، حيث تتواجد القصور الستة :

- أَغْرْمْ (قصر) آت لمعيز ⴰⵖⵔⵎ ⵏ ⴰⵜ ⵍⵎⵄⵉⵣ
- أَغْرْمْ (قصر) آت عدي (لوداغير) ⴰⵖⵔⵎ ⵏ ⴰⵜ ⵄⴷⴷⵉ
- أَغْرْمْ (قصر) آت سليمان ⴰⵖⵔⵎ ⵏ ⴰⵜ ⵙⵍⵉⵎⴰⵏ
- أَغْرْمْ (قصر) آت عامر (الحمام الفوقاني) ⴰⵖⵔⵎ ⵏ ⴰⵜ ⵄⴰⵎⵕ
- أَغْرْمْ (قصر) آت وداي (الحمام التحتاني) ⴰⵖⵔⵎ ⵏ ⴰⵜ ⵡⴰⵝⵝⴰⵢ
- أَغْرْمْ (قصر) آت النج (العبيدات) ⴰⵖⵔⵎ ⵏ ⴰⵜ ⵏⵏⵊ
وهي منقصلة عن القصر الوحيد الموجود في السهل، المنطقة المنخفضة، وهو
<%-- أَغْرْمْ (قصر) إزناين، زناݣة او زناكة .--%> - أَغْرْمْ (قصر) إزناين (زناكة، زناقة) و بالأمازيغية (إزناين) ⴰⵖⵔⵎ ⵏ ⵉⵥⵏⴰⵢⵏ،
هذه الوضعية الطبوغرافية كانت لوقت طويل سببا في نشوب النزاعات بين القصور من أجل السيطرة على الماء بشكل كلي. يشهد التاريخ بدموية هذه الصراعات، والتي ستنتهي مع بداية القرن العشرين وبداية الاستعمار الفرنسي.

أنواع المصادر المائية :

 تتواجد بمدينة إفيّي مصادر مختلفة للماء، فيما يلي بعضها :

- المنابع المستغلة عن طريق الفݣارة أو الفكارة

- منابع طبيعية باطنية أخرى غير مستغلة بسبب تواجدها في مناطق حدودية مع الجارة الجزائر : جبل تاغلة وجبل الملياس.

- منطقة بغداد وبركوكس (الجنوب الغربي لفجيج) تتوفران على مخزون مائي شبه سطحي، يستغل غالبا عن طريق آلات ومحركات ميكانيكية لإستخراج الماء ( هذه المياه مالحة ) .

- المجاري المائة السطحية ( الموسمية إن صح التعبير )، مثل وادي زوزفانة وأغلال (تفيلية) : هذه المصادر تكون مهمة فقط عند وقوع شبه فياضانات عن طريق الأمطار التي تنزل في مناطق جبلية بعيدة عن إِفْيِّيْ (فجيج). هذه الوضعية تفسر الإمتلاء المفاجيء أحيانا لهذه الأنهار.

توزيع مياه السقي بإفيّي (فكيك) :
الفن والتقنيات الأمازيغية لتوزيع المياه

بعد الفݣارة أو الفكارة يأتي دور السواقي او تيرݣوين ⵜⵉⵔⴳⵡⵉⵏ (نظرة عامة) :






الساقية، تارْݣَ ⵜⴰⵔⴳⴰ بالامازيغية

الساقية او تارݣ هي الوسيلة المستعملة بإفيّي من أجل توزيع الماء بعد خروجه من الفقارات، هذه السواقي يتم بناؤها حسب الحاجة.

رجوع في التاريخ القريب

معظم هذه السواقي او ترݣوين الآن هي مبنية بالاسمنت المسلح. وقد كانت في ما قبل ترابية (سنوات التسعينات مثلا).

كلتا الطريقتن للبناء تملك جوانب إيجابية وسلبية، في ما يلي تفسير :

. السواقي او ترݣوين ⵜⵉⵔⴳⵡⵉⵏ الاسمنتية تقوم بتوصيل المياه إلى أصحابها دون ضياع تقريبا.
. السواقي الترابية تسمح بتسرب كمية من المياه.

هذه المقاربة غير المنطقية لها داعيها : عدد كبير من النباتات والنخيل المتواجد على جنبات السواقي كانت تستفيد من المياه المتسربة من السواقي الترابية. أما الآن فيمكن ملاحظة الفرق بقلة النبايات بجانب السواقي الاسمنتية.

مركز التوزيع المائي أو إيقوداس ⵉⵇⵓⴷⴰⵙ :


الفروع الأربعة الرئيسية لتوزيع الماء بأَغْرْمْ إِزْنايْنْ او زناقة (فݣّارة تزادرت)

مراكز التوزيع المائي أو كما تسمى بإِفْيِّيْ (فجيج) " إيقوداس ⵉⵇⵓⴷⴰⵙ "، هي أول نقطة تستقبل الماء القادم من الفݣّارات عن طريق السواقي.

إيقوداس مركز مرتبط بشبكة معقدة من السواقي. مركز زناكة له أربعة فروع، كل واحد منها يغذي مجموعة من السواقي والتي بدورها ستوجه المياه نحو أصحابها مع احترام التقسيمات المائية المتفق عليها.

هذه المراكز المائية، بالنظر إلى حجمها وبنائها، تستغل في جميع إغرماون (قصور) فكيك كحمامات مجانية.

ⵜⴰⵅⵕⵕⵓⴱⵜ تخرّوبت او الخروبة وحصص المياه :

ⵜⴰⵅⵕⵕⵓⴱⵜ تخرّوبت او الخروبة : هي الحصة العادية المتداولة بواحة إِفْيِّيْ (فجيج) ويقدر وقتها ب 45 دقيقة (زادرت - إِزْنايْنْ).

الساعة المائية : هي آلة تستعمل لقياس الزمن أو الوقت. وهو إناء على شكل نصف دائرة، نحاسي، في قاعه يوجد ثقب يسمح بتسريب الماء. ومن أجل القيام بقياس وقت الخروبة، يوضع هذا الإناء فوق حوض مائي، ومع مرور الوقت تقوم المياه بالتسرب داخل الإناء حتى يغرق، وبالتالي نهاية حصة مائية وبداية حصة أخرى.
هذه التقنية كانت تستعمل قديما، أما الآن فالساعة اليدوية كافية للقيام بقياس الوقت.

النوبة : هي المدة الزمنية التي تفصل حصص الخروبة لكل شخص. بإفيّي يقدر هذا الوقت ب 14 إلى 16 يوما حسب القصر والفݣارة.

ⴰⵙⵔⴰⵢⴼⵉ أسرايفي أو الصراف : هو الشخص المعين من طرف القصر للإشراف والقيام بعملية توزيع الحصص المائية، الخروبات، ويشترط فيه صفات الأمانة ومعرفته بعملية التوزيع.

من ⵜⴰⵅⵕⵕⵓⴱⵜ تخرّوبت، الخروبة، إلى تيغرت ⵜⵉⵖⵉⵔⵜ :
نظام التوزيع المائي الجديد بإفيّي / فكيك :

إشكالية العمل بنظام الخروبة او تخرّوبت :

من الخصائص الأولية للخروبة هو الوقت المحدد بالساعة والدقيقة، مما يفرض على صاحب الحصة المائية، التواجد الآني لسقي أرضه. هذه الخاصية تنجم عنها عدة مشاكل، نذكر منها ما يلي :
- الأرض المعنية بالسقي ليست بحاجة بعد إلى الماء (سقيت بماء المطر مثلا).
- عدم تواجد الشخص المسؤول أثناء نوبة الخروبة او تخرّوبت.
- تزامن نوبة الخروبة مع وقت المساء وحلول الظلام (الأراضي بصفة عامة بإفيّي غير مضاءة).

الحل :

من أجل حل هذا الإشكال، عمد أهل إفيّي إلى ابتكار نظام جديد للسقي لإعطاء أمر التحكم في الري للشخص وليس للخروبة، وهذا النظام الجديد مبني على تخزين المياه في صهاريج او إسارجن بالامازيغية بدل السقي المباشر للأرض.

قاعدة العمل بهذا النظام جد سهلة : كل شخص لا يرغب في سقي أرضه أثناء خروبته ما عليه إلا أن يوجه حصته من المياه نحو صهريج من صهاريج التخزين. يقوم الشخص بهذه العملية لوحده أو ينبه الصراف (أصرايفي) بذلك.

الصهاريج او إسارجن ⵉⵙⴰⵔⵉⵊⵏ :

الصهريج او أسريج ⴰⵙⴰⵔⵉⵊ : هو حوض مائي كبير يستعمل لتخزين المياه، تصل مساحته إلى أكثر من 150 متر مربع وعلو يتزايد عن 4 أمتار. شباب إفيّي يستعملون الصهاريج للسباحة أيضا.


تغيرت ⵜⵉⵖⵉⵔⵜ : نظام توجيه المياه إلى صهاريج سيؤدي إلى استعمال مصطلح جديد يرمز إلى عملية توزيع الحصص الجديدة، تغيرت.

تقنيا هذا المصطلح يمثل " وحدة لقياس الحجم "، وبذلك كمية الماء المتدفقة خلال 45 دقيقة ل الخروبة، ستصبح حجما ب 34 متر مكعب ل تيغرت ( فكارة زادرت - إِزْنايْنْ ).

والوسيلة المستعملة لقياس حجم كل حصة هي مسطرة مدرجة بشكل منضبط مع أبعاد الصهريج .

الحصص الجديدة للمياه :

هذه الحصص الجديدة المخزونة في صهاريج، يمكن لأصحابها أن يستعملوها وقت ما شاؤوا حسب الحاجة، وأثناء استعمال الحصة يقوم أصرايفي بمراقبة مستوى منسوب الحوض بشكل حسابي مرقم حتى يحدد حجم كل حصة بشكل دقيق.